مرحبا بكم في منتدى الطلاب 2009
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجزوؤة الغير

اذهب الى الأسفل

مجزوؤة الغير Empty مجزوؤة الغير

مُساهمة من طرف dRiSs_LaMiN الجمعة فبراير 06, 2009 4:25 pm

تقديم واعداد : ادريس لمين cheers lol! afro study




ينتمي مفهوم الغير إلى مجال الوضع البشري و العلاقات البشرية بمختلف أبعادها الأنطولوجية ( الوجودية ) و الفكرية و الوجدانية مما يبرز طبيعته الإشكالية . حيث تنشأ هاته الإشكالية انطلاقا من كونه ذاتا ( تشبهني و تختلف عني، و من كونه ضروريا لوجودي بصفتي وعيا .) يختلف عني و لكنه يلتقي معي في هذا الاختلاف بالذات ما دمت أن بدوري أختلف عنه فأنا أشبهه في اختلافي .

و بهذا المعنى فنحن نتشابه و نختلف عن بعضنا البعض في نفس الوقت ، و على هذا النحو فإن علاقتي بالغير علاقة معقدة و ملتبسة تحمل دلالات عديدة ،حيث يضعنا المعنى الدلالي للغير أمام مجموعة من المفاهيم مثل ( المستثنى ، المختلف ، المتميز، المتقابل ، المتحول ، المباين ، المنفي ، المتعدد ، القريب، الغريب .)

هذا و تتفق معاجم الفلسفة ،خصوصا لالاند و بول فولكيي على أن للآخر معان متباينة ، فلالاند يقول في معجمه الفلسفي : " الآخر هو أحد المفاهيم الأساسية للفكر، و من تم يستحيل تعريفه بتقابل مع الهوهو و يعبر عنه بالمتنوع و المختلف و المتميز."

و فولكيي في معجم اللغة الفلسفية يقول : " الآخر مستنبط من الجذر اللاتيني Alter و منه Alterité و الغيرية Alteruisme و هو مفهوم أساسي يمكن أن نعطيه معاني مختلفة منها المختلف Le different المتميز Le distinct ، المتنوع Le divers ، المنفصل Le separé . "

كما يبرز الفيلسوف الألماني فريدريك هيجل ( 1770 - 1831 ) نوعا من التأسيس الفلسفي لطبيعة العلاقة بين الأنا و الآخر . فليس الوعي بالذات هو معرفة الأنا لذاته ، بل هو التعرف على ذاته في موضوع غريب عنه . فكل ذات ترغب في أن يعترف بوجودها من طرف ذات أخرى تواجهها ، و السعي الحقيقي للوعي بالذات و أن يجد ذاته في الآخر . أي أن الآخر لا يتجلى في الذات و لا يتم الاعتراف بوجوده كمغايرة إلا من خلال فكرة صراع الذوات .

واضح إذن ، أن تحديد مفهوم الغير يتم في ارتباط مع مفهوم الأنا . فالغير هو غير "الأنا " إذ أن هذا التداخل قد يصل إلى مستوى أن كلا منهما يحايث الأخر و يباطنه على اعتبار أن الأنا يشكل عنصرا صميميا لتحديد مفهوم " الغير " ، فأنا أتعرف على ذاتي و أقدر قيمتها انطلاقا من الغير . بحيث أن علاقتي بذاتي تمر عبر علاقتي به، سواء أكان قريبا ( من نفس العائلة أو من نفس البلد ) أو بعيدا عني ثقافيا و حضاريا و لا يستطيع أي أحد منا أن يتخلص من الآخر .

إن تنوع الدلالات و اختلافها ، يضفي طابعا إشكاليا على موضوعات الغير، و يولد عدة تساؤلات منها : ما طبيعة العلاقة الوجودية التي يمثلها الغير بالنسبة للأنا ؟ و إذا كان الغير موجودا ، فهل هناك من إمكانية لمعرفته ؟ و ما الرهانات التي تنشأ عن علاقة الأنا بالغير ؟

الــمـحـور الأول : وجـــود الــغـيــر

إن التفكير في العلاقة الوجودية مع الغير هو تفكير فلسفي حديث ، قائم على أساس و عي الذات لطبيعة العلاقة مع الآخر و هاته العلاقة التي كانت نتيجة وعي الإنسان بالآخر، حيث أنه لا وجود لأنا أو وعي على هامش العالم معزولا عنه على اعتبار أن الآخر هو ضرورة أنطولوجية و معرفية و وجدانية .

لكن إذا كان وجود الغير ضروري لكي يتحقق وعي الذات بذاتها ، فما طبيعة الوجود الذي يتمتع به الغير بالنسبة للأنا ؟ و هل يمكن الاستغناء عن الغير بوصفه تهديدا للأنا ؟ أم أن وجوده ضروري بالنسبة للأنا ؟

يقدم الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر ( 1889- 1976) تصوره حول مسألة وجود الغير و معنى الوجود الإنساني في العالم باعتبار أن حضور الغير في علاقته بالأنا هو إفراغ للذات من خصوصيتها و كينونتها الفردية التي تميزها عن ذات أخرى و تذيب كل الاختلافات و التمايزات التي تفقد الشخص هويته التي تميزه في الحياة اليومية المشتركة مع الناس .

فوجود الغير في علاقته بالأنا هو تهديد لهذا الموجود الذي يفقد الذات خصوصياتها فتتيه في عالم أشبه بتوأم مشابه لطبيعتها .

و يعكس موقف الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر ( 1905- 1980 ) في كتابه "الوجود و العدم" من مسألة وجود الغير بالنسبة للأنا انطلاقا من التصور الوجودي للغير الذي يتمثل في كون هذا الوجود يجعل الأنا أمام مفارقة مزدوجة على اعتبار أن هذا الوجود بالنسبة للأنا هو وجود سلبي يحد من حرية الأنا و يشل إمكاناتها الذاتية من خلال نظرة الغير إليها التي تشيئها و تسلبها حريتها و تولد فيها الخجل كشعور غير مباشر و كعلاقة باطنية بين الأنا و ذاته باعتبار الغير هو الوسيط بينهما.

و في نفس الوقت ، فإن وجود الغير بالنسبة للأنا هو شرط ضروري لإدراك الأنا كوعي و تحقيق الوعي بالذات الذي يمر عبر الآخر باعتباره حرية .

هذا ويؤكد الفيلسوف الألماني ادموند هوسرل( 1838- 1859 ) على ضرورة حضور الغير انطلاقا من فكرة "القصدية" التي تقوم على نقيض ما تم بناؤه في الفلسفة الحديثة أي في اعتبار أن الذات المفكرة هي التي تجعل الإنسان يعي ذاته بمعزل عن العالم الخارجي و عن الآخر. لكن ،هاته العزلة سرعان ما ستضمحل بعد بروز فكرة القصدية : " عندما أفكر فأنا أفكر في شيء ما " أي من خلال وعي الذات بشيء ما . غير أن هذا الوعي بوجود الغير هو وجود مزدوج ،ذلك أن إدراك الآخر يكون باعتباره موضوعا للعالم لا بوصفه شيئا من الأشياء الطبيعية . و كدا حضور الغير كذات تدرك العالم من خلال تجربتها في العالم المعيش و تجربة الآخرين يجعل من فعل الوجود ضرورة مشروطة و خاصة لكل واحد منا .

كما يذهب الفيلسوف الفرنسي موريس ميرلوبونتي (1908 – 1961 ) على بلورة التصور الفينومولوجي لوجود الغير و الذي يتمثل في كون هذا الوجود هو وجود مستقل و وعي لذاته و لا يمكن اعتباره موضوعا أو شيئا كباقي الأشياء الطبيعية الأخرى .

فوجود الغير وجود مزدوج ، فهو وجود في ذاته من حيث كونه كجسد و كموضوع للعلوم . و في نفس الوقت فهو وجود لذاته أي كوعي خالص يواجهه الأنا . و لهذا لا بد من عملية متناقضة من أجل إدراك الغير إذ لا يتحقق الوجود الإنساني الفردي ( الأنا ) و الجماعي (هم ) إلا بحضور مادي أو رمزي لذوات إنسانية تنشأ بينها علاقات مركبة و متداخلة .

و يدعو كل من الفيلسوف جيل دولوز ( 1925- 1995 ) و فيلكس غثاري ( 1930 – 1992 ) حول مسألة وجود الغير إلى تجاوز التصور الكلاسيكي الذي تبلور مع الفيلسوف الفرنسي رونيه ديكارت و الذي يرجع الماهية الإنسانية إلى الذات المفكرة باعتبار التفكير دليل على وجودها .و هذا التفكير في الذات يمكن الإنسان من الوعي بوجوده بمعزل عن العالم الخارجي و عن الآخر.ليتجاوز كل من الفيلسوفين هذا الموقف من خلال اعتبار أن وجود الغير بالنسبة للأنا لا يشكل أنا آخر من حيث هو مخالف لطبيعة الأنا، و إنما بوصفه عالما ممكنا لا يظهر من خلاله الغير كذات أو كموضوع و إنما يظهر بوصفه عالما لم يتحقق في بعده الواقعي .

لكن رغم ذلك فهو عالم معبر عنه من خلال لغة معبر عنها تمنح صفة الوجود لهذا العالم الممكن لينفتح أمام الذات و ينكشف هذا الآخر للأنا و ذلك بالتعبير عنه بلغة واقعية تجسد حقيقة هذا الآخر و تجعل من عالمه الممكن عالما قائم الذات .

و على ضوء هاته المواقف نخلص إلى أن مسألة وجود الغير بالنسبة للأنا هي مسألة لا تنحصر في علاقة شيئية بين ذات و موضوع و إنما هي علاقة تسعى إلى فهم الذات لذاتها ، و لهذا فإن معرفة الذات لذاتها تمر عبر معرفة الآخر. لكن، السؤال الذي يطرح هنا هو : هل الغير قابل للمعرفة ؟
dRiSs_LaMiN
dRiSs_LaMiN

عدد الرسائل : 13
تاريخ التسجيل : 11/01/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى